ماذا سيغير '3G' في الجزائر؟

         قرأت منذ فترة مقالا عن نفس الموضوع على جريدة الشروق اليومي، وقد أخذني الفضول لمعرفة مضمونه.. إلا أنني وجدت فيه نوعا من "الاستخفاف" بعقول الناس في استشراف علاقة الجزائريين مستقبلا بالـ"3G"، فمن تقديم المحاضرات عبر الهاتف للطلبة، والاعتماد على GPS في قيادة السيارة، إلى وعود تخفيف تسعيرة الاشتراك، كلها أوهام بقوالب بيروقراطية، تزداد رداءة بتأجيل تعميم الجيل الثالث للهاتف النقال عبر جميع الولايات إلى 7 سنوات.. بعد كل هذا، يجوز لنا الآن البحث بواقعية عما سيغيره الـ"3G" في حياة الجزائريين؟؟

أكبر مشكل سيحدث مع "3G"، هو المشكل الأخلاقي.. نحن مع كل تلك الصعوبات في التغطية، ومحدودية "البونيس" والـ"أكتيفاسيون"، وانقطاع المكالمات، نجد كمّا هائلا من المغبونين يقضون الليالي الطوال في الحديث مع الخليلات والعشيقات، نعم مع كل هذا التخلف في الاتصالات إلا أن شبابنا وحتى كهولنا بل وصغارنا، يجتهدون وينجحون في حشد مكالمات غير متناهية مع من يعرفون ومن لا يعرفون من النساء العازبات والمطلقات والمراهقات والقاصرات وحتى المتزوجات والمخطوبات والعانسات..
"3G" سيجعلك على لقاء مباشر مع من تود صورة وصوتا، فالذين كانوا يستمتعون بالأحاديث الجنسية مع ناقصات الشرف ممن يقطن حتى أشرف البيوت، سيستطيعون الآن الوقوف على صور فيديو مباشرة للجسد والدول المجاورة له، بما يرافق هذه الجولة السياحية من مؤثرات صوتية أسفل الحزام..
الانفتاح سيبلغ ذروته في مجتمعنا الجزائري، ولكنه انفتاح مذموم.. ستزداد نسبة انتشار الفضائح، وجرائم الشرف.. فاحتمالات تصوير اللقاءات الحميمية على الهواء مباشرة ممكنة جدا.. أما العنوسة والطلاق فستزداد جدا..
عنوسة.. لأن الشباب سيكون في غنى عن زوجة واحدة وحيدة، ما دامت نساء جميع المناطق في الوطن معه عبر الأثير، وبالصورة المقنعة جدا، كما أنه لن يكون على قناعة كافية وثقة بيّنة بمن سيتزوج، ما دامت النساء في طابور واحد من الميوعة والتعميم..
طلاق.. مؤكد ما دامت حالات الخيانة الزوجية ستتضاعف، فالمعاكسات ستكون أقرب للخلوة والحلاوة.. وسيكون لها الأثر البالغ في القضاء على شعلة الزوجية القائمة على الجيل "الأول من القِران"، أما العرض والطلب في سوق المتعة، سيلقي بظلاله على التداول الحالي لعملات العواطف الصادقة في السكن الزوجي.
نضيف إلى هذا، الكمّ الهائل من التطفل الذي سيشاغب به المتسكعون على أرصفة الـ"3G"، فـ"الأبال ماسكي" سيكون له طعم أقوى بالصورة والصوت معا.. أما العبث بهذه التقنية فسيمتد أيضا إلى المدارس والثانويات، الأسواق والمستشفيات، الإدارات وحتى الثكنات، والمُلفِت طبعا طغيان الجانب السلبي في الاستعمال..
لا ننفي إمكانية الاستفادة الحقيقية من الـ"3G" في الوسط الاجتماعي، فالتواصل سيصبح أكثر سلاسة وجودة، والتدفق السريع للإنترنت سيحسّن الدخول إلى الشبكة والتحميل في أقل وقت ممكن.. ولكن أحبتي، في الوقت الذي نُزمّر فيه ونُطبّل لهذا الفتح التكنولوجي المتأخر و"المُسيّس".. لا ننسى أننا نعيش عزلة حقيقية وسط تطور فظيع في مجال الاتصالات تجاوز حتى الـ"4G"..
                                                              بقلم / معمر عيساني.

تعليقات

الأكثر قراءة