إنها دمشق تـُضرَب

          لا أعرف أي المذنبين أجلد حسرة على حال هذه الأمة.. بالأمس بغداد، واليوم دمشق، وكأن القدر لا يبرح وأد الهوية والعروبة بهاتين المدينتين اللتين تـُؤرخان لماضِ نحِنّ إليه، وحاضر نحزن عليه.. نظام الأسد لا يمكن أن يتنازل عما يملك من أرض وشعب.. وعفن السعوديين لا يعي شيئا إلا وهابيته القابعة في حجر الخونة التابعين لليهود والنصارى.. فهل للمعارضة الثائرة البُشرى بما يأتي من بوارج الغرب من صواريخ تقصف دمشق.. ألا تستحق هذه المدينة الغالية التضحية بالكرسي في عُرف آل الأسد.. أم أن الأمر يتجاوز نظر العامة وفلسفة الخاصة..


استخدام السلاح الكيماوي لقتل المئات من المدنيين الأبرياء لم يدع مجالا للانتظار وإعلان الحرب ضد النظام الحاكم في سوريا.. سلاح يدعي الغرب استخدامه من طرف آل الأسد ضد مناطق المعارضين المسلحين في الداخل السوري.. ومن جهة أخرى ينفي النظام هذه التهمة عن نفسه.. ويؤكد الدعم السعودي للمعارضة التي استخدمت هذا السلاح.. وبين هذا وذاك.. تتيه الحقيقة بين مشاهد القتل وادعاءات الكاذبين وذوي المصلحة.
لطالما ناصرتُ الثورة في سوريا.. لكنني بمرور الأيام والأشهر، تأكدت أنها محض تصفية حسابات بين حكام الخليج، وآخر معاقل المقاومة والممانعة في وجه المشروع الأمريكي الصهيوني.. لا يمكن نفي التجاوزات التي ارتكبها النظام السوري في حق شعبه.. وهل يوجد نظام من المنزهين عن الخطأ في هذا العالم.. والتاريخ يشهد على هذا بدءا بالحرب الأهلية في أمريكا لأجل التوحيد، والدماء التي سالت في أوربا قبل أن تتوحد.. بل إن صيرورة التاريخ لا تتم إلا بالهلاك.. ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض..
ربما تهور نظام بشار الأسد وتشبثه بالسلطة هو السبب الذي أخذ بالسوريين إلى مهلكة الحرب.. ولكن ما موقف أي رئيس يهدَّد نظام بلده من طرف دول معروفة بالولاء للصهاينة والعداء لكل مقاومة ونخوة عربية إسلامية.. هنا من الممكن أن نصف الأسد لو تنحى عن حكمه بالمنهزم، كما قد يرى الآخرون ذلك درءا للمفسدة وحقنا للدماء.. وهنا لابد من استشراف لمواقف الإيرانيين الذين وعدوا بالوقوف جنبا إلى جنب مع سوريا ومن خلفها حزب الله، الذي سيدخل لبنان في معركة لا حاجة لها بها، أما روسيا فهي مخزن السلاح الذي سيُضرم النار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
هل المعارضة تستحق الدعم حقا؟؟ ومن هي هذه المعارضة؟؟ هل أصحاب اللحى التكفيريون المدعّمون من السعوديين هم من سيحكم سوريا بعد تدميرها، وإذا كانت الرياض بمَلكها "المُفدى" حريصة على كرامة السوريين وحشد الجهاديين لأجل نصرتهم، أليس الأولى بها نصرة الفلسطينيين وفك الحصار عن غزة وتحرير الأقصى؟؟ أم أن أموال أرض الحجاز وحجاجها، لا تصرف إلا على راقصات الملاهي وبيوت العبث في مصر الانقلابيين ودكاكين اللهو في أوربا وأمريكا؟؟
بقلم / معمر عيساني.


تعليقات

  1. سفيان29/8/13

    العرب اليوم ينطبق عليهم المثل القائل :أكلت يوم أكل الثور الأبيض
    فبعد سقوط بغداد حان الدور على دمشق وماحال القاهرة وتونس وطرابلس بخاف علينا كل هذا والعربان لايكتفون بمجرد السكوت بل يتآمرون على إخوانهم في الدين والقومية ناسين أو متناسين أنه سيحين الدور عليهم وسيكونون فريسة سهلة بعد سقوط كبريات العواصم وأقوى الجيوش العربية.

    ردحذف
    الردود
    1. إنها استمرارية مشروع الشرق الأوسط الجديد..
      بداية نهاية ما يسمى بالعرب المسلمين..
      وإن كنت لا أرى من إسلامهم إلا المسلسلات الرمضانية؟؟

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة