بين الزوجة العاملة والماكثة في البيت

         تكاليف الحياة تفرض عليك اختيار زوجة عاملة.. هذه الفكرة تعشش في رؤوس كثير من المقبلين على الزواج، وتجعل أول شروط الاختيار: الوظيفة التي تدِر الأجر الوفير عليهم نهاية كل شهر.. فضلا عن بعض الرجال الذين لا يجدون حرجا ـ على فقرهم ـ في البحث عن امرأة غنية ولو كانت كبيرة في السن أو مطلقة المهم أنها ذات مااااال.. هل توافقون على هذه الفكرة؟؟


نحن أمام خيارين: إما زوجة عاملة تأتيك بالمال، وإما زوجة ماكثة في البيت لا تسمن ولا تغني من جوع..
بوجود زوجة عاملة نفترض أولا تعطلا في قضاء حوائج البيت، من طبخ وغسيل وترتيب واعتناء بالزوج، ناهيك عن تربية الأطفال التي تعدل كل ذلك وتزيد عنه أضعافا مضاعفة.. يمكن أن تعوض الغسالة والمايكروويف وجل الآلات، بل والشغالات اللواتي قد نأتي بهن من البلد أو حتى من الصين والهند.. نعوض بهذا غياب الزوجة لحين.. ولكن فيما يخص العناية بفلذات أكبادنا.. أبناؤنا فمن يعوض هذه الزوجة الغائبة؟
كحد أدنى ننظر إلى حياة زوجين عاملين دون شغالة تعين في البيت.. في الصباح يخرج الاثنين إلى العمل، الأول يشرّق والثاني يغرّب.. والسلام على البيت، من الممكن أن يبقى الفراش على حاله دون توضيب حتى عودتهما، ولا داعي للحديث عن كنس البيت وتنظيفه وفتح النوافذ لوصول أشعة الشمس إلى أركانه..
المشكلة أصدقائي إذا عاد الرجل قبل زوجته من العمل.. من سيطهو له الطعام.. أو هل ستتزامن عطلهما دائما.. أكيد أن الزوج سيمل كثيرا في إجازته عندما تكون زوجته عاملة من الصباح إلى المساء.. سيُحرم حتى من متعة القيلولة مع حليلته.. لله درّ المُدراء وأصحاب العمل ألا يتركون هذه النسوة تؤول لأزواجهن حين الظهيرة؟؟؟
طبيعة العمل لدى المرأة تفرض نفسها.. قبولك بزوجة عاملة يعني قبولك بزمالتها مع رجال يشاركونها العمل والحديث وحتى الفضفضات.. طول مدة العمل كفيلة بفتح نقاشات مع الزملاء ولو بعد أشهر.. وهنا سيحمل هؤلاء الأجنبيون عنها خواطر وأفكار قد لا تعجب الزوج لو اطلع عليها..
نحن لا نجعل من الموظفين في المكاتب خاصة "حيوانيين".. ولكن لا يخطئ الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يحذرنا من الخلوة والاختلاط.. وكفانا قرآن ربنا ليأمر بوقور المرأة في بيتها "وقرن في بيوتكن ولا تبرج تبرج الجاهلية الأولى" ـ من سورة الأحزاب: الآية 33 ـ.. يعني أن خروج المرأة من البيت يرافقه تبرج ولو كان بالحديث فما أدراك بالعطور ومساحيق التجميل؟
اختلاط المرأة مع الرجال وبالرعاية السامية للأفندي "شيطان" سيجعلها تطلع على إيجابيات لديهم قد لا تجدها في زوجها ـ الذي يملك ما لا يملكه الآخرون طبعا لو اطلعت على ما فيهم إجمالا وليس مظهرا مختزلا في ساعات العمل لا غير.. ـ، وهنا يبدأ الملل يسيطر على الحياة الزوجية.. وتشتعل الرغبة في التغيير.. وأي تغيير يا ربي؟؟
اكتفاء المرأة ماليا يجعلها في غنى عن سيطرة الرجل ونفقاته.. وهو ما كان من المفترض أن يكون عليه لا عليها حتى تثبت قوامته ولكن أي حال سيكون عندما تفوق الزوجة زوجها جاها ومالا.. ستكون حُرة بسلبية، قد تصول وتجول بسيارتها كيفما تشاء، وتقيم الحفلات والولائم في بيتها الخاص بمناسبة وبدونها.. ويرافق هذا ما لا نرجو..
كل ما ذكرناه يلازم قبول الرجل بامرأة عاملة كزوجة له.. للأسف يتعايش بعض "الديوثين" مع أنماط العيش الوضيع التي ذكرناها.. ما يجعل حياتهم الزوجية تروق للكثير بما تجتهد ماكنات الإعلام المنسلخ عن هويتنا في تصويره عبر المسلسلات والبرامج الحوارية..
حسنا ليس الأمر كارثيا لهذه الدرجة بعض الاستثناءات تجعل عمل الزوجة ناجحا وفق معايير وضوابط شرعية تزيد في متانة الرابطة الأسرية وتنعش الحالة المادية لكلا الطرفين خاصة بوجود الأطفال.. هذا لن يتأتى إلا باختيار صائب منذ الأول، فالمرأة بمبادئها وأخلاقها لن يتفوّق عليها رجل في أي شأن كان، وعليه لن تهتز ثقة الرجل بزوجته التي لا تحادث زملاءها مطلقا، وتشغل نفسها بعملها طول مكوثها في الوظيفة، فإن لم يكن لها شغل عادت لبيتها دون لف ولا دوران..
وقد عرفنا نماذج مثل هذه في حياتنا الدراسية فكم من أستاذة محترمة بحق، لا تجد أي شائبة تحوم حولها، مثلها مثل موظفات أخريات في مهن مختلفة، يتسم مشوارهن بالأخلاق والابتعاد عن الابتذال والاختلاط ومصادقة الأجانب غير زوجها ومحارمها.
لم نتكلم عن الزوجة الماكثة في البيت.. ما رأيك أن نقول: هي الأمثل لك، طبعا لا لشيء إلا لأنها اختارتك دون غيرك.. اختارتك على وظيفتها لأنك الأهم.. اختارتك على زملاء كانوا سيحاذونها في المجلس لأنك الأشرف.. اختارتك على أجرتها الشهرية لأنك الأغلى والأثمن.. مثلما قمت باختيارها لذاتها لا لعَرَضِ آخر من الدنيا..
لا نبرئ الماكثات في البيت من دَرَن العصر ومخازيه التي نستنشقها من الإعلام وما يحتويه.. ولكن مادامت زوجتك في البيت فأنت المسؤول الأول والأخير عنها بل والأوحد.. فليتق الله كل رجل عُقد بيمينه موثق امرأة.. ولا يجعل الدرهم والدينار سبيلا لبناء حياته الزوجية.. فإن الدرهم والدينار زائل.. وما يقع في القلب من مودة ورحمة باق وراسخ إلى يوم الدين.

تعليقات

  1. سفيان4/7/13

    من يقرأ مقالك يظن أن كل امرأة عاملة شر وكل ماكثة في البيت خير وهذا خطأ كبير-في نظري طبعا- فالأصل في اختيار المرأة هو الصلاح وليس كونها عاملة أو لا فكم من امرأة عاملة يضرب بها المثل في العفة وكم من امرأة ماكثة في البيت تترك زوجها يخرج لعمله وتفعل من بعده مايعف لساني عن قوله.أما بخصوص تربية الأولاد فهناك من تبقى مع أولادها الساعات الطوال ولاتعطيهم شيئا وهناك من تعطيهم كل شيء في ساعة واحدة...

    ردحذف
    الردود
    1. أنا لم أغفل هذا الرأي.. طبعا هنا يأتي حكم اختيار الرجل لهذه الزوجة ونجاحه في ذلك.. أما ما في المقال فهو الواقع.. أما ما خالفه فهو الاستثناء على ما أظن.

      حذف
  2. الفرندي16/8/14

    حياكم الله ...
    في رأيي الأفضل للرجل المقبل على الزواج اختيار المرأة الماكثة بالبيت ، وانا متعجب من غيرة المسلمين كيف بيعت بدراهم معدودة ، الغيرة يا رجال ، كيف ترضى لزوجتك أن تبقى ساعات بين الرجال ، ثم تطلب منها أن تكون عفيفة ؟؟؟ لا ، وألف لا ، قلب الغيور لا يرضى بذلك ، إلا إذا كنت تعتقد أن امرأتك أفضل من نساء النبي عليه الصلاة والسلام ، وتدبر معي قوله تعالى ( وإذَا سَألْتُموهنَّ متاعا فا سألوهنّ من وراء حجاب ) لماذا في رأيك ؟ يأتيك الجواب من رب البرية عز وجل ( ذلكم أطهرُ لقلوبِكم وقلوبِهِنّ ) فإذا كان هذا الخطاب لأمهات المؤمنين أطهر النساء قلوبا ، مع صحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فكيف بنا ؟؟؟ نترك نساءنا بين الرجال ، ولا يخفى ما يحصل جراء هذا الاختلاط ، من ضحكات ، ونظرات ، وووو ولا ينكر هذا إلا مكابر .
    وأخيرا إليكم هذه القصة : كانت هناك امرأة عفيفة تعمل في شركة مختلطة ، نصحها أحد العمال وبين لها حكم اختلاط النساء بالرجال ، فقالت : إن أباها يجبرها على العمل . في أحد الأيام جاء ذلك العامل إلى بيتهم ، فاستقبله أبوها ورحب به ، وأحضر الشاي ، وبينما هما يتناولان الشاي ، قال ذلك العامل لأبيها : أين فلانة - للعاملة معه - نادها حتى تجلس معنا ، فغضب الأب ، وقال : ماذا تقول ؟ قال : نادها لنتكلم ونجلس معها ، فازداد غضب الأب ، قال العامل : ابنتك تأتي تعمل معنا ساعات طوال ، وبدون نظرك ومراقبتك ، ولم تغضب يوما ، ولم تأخذك الحمية والغية على ابنتك ، والآن طلبت الكلام معها بحضرتك غضبت ، ففهم الأب الرسالة ، ووافق على توقف ابنته عن العمل .
    ولكم إخواني التعليق ، ولو عاملت أي واحد فينا - زوجته عاملة - هذه المعالمة ما رضي ، ولكنه يرضى إذا كانت في حرم العمل - زعموا زورا وبهتانا - أفيييييييييييييييييييقوا يا إخوان ، ولتأخذكم الغيرة على أعراضكم ، وحذار حذار أن تفتنوا بزهرة الحياة الدنيا ، وتقدموها على العرض ، فإن العرض غالٍ ، ولا يمكن تعويضه بمال الدنيا كلها .

    ردحذف
    الردود
    1. صحيح العرض أغلى من كل مال وثروة
      قصتك ذات عبرة ولفتة مهمة لواقع المرأة العاملة
      تحري العفة والابتعاد عن الاختلاط أهم ما يميز شرف المسلم
      شكرا أخي العزيز الفرندي على المشاركة

      حذف
  3. ملاك الرحمن16/8/15

    ماذا فعلت بالمرأة العاااملة يا أخي ؟؟؟؟!!!...لا أنكر أن هناك سلبيات تعود على المرأة العاملة ولكن هذا لا يعني أنها سيئة لهذه الدرجة ..

    ردحذف
    الردود
    1. لكنني في النهاية لم أجعل المرأة الماكثة في البيت "مقدسة" هي وجهة نظري لا غير :)

      حذف
    2. ملاك الرحمن17/8/15

      أحترم وجهة نظرك .. ولا ألوم الماكثة في البيت ..لا شيء كامل

      حذف
    3. الكمال لله ونسأل الله التوفيق والسداد لجميع شباب المسلمين الراغبين في الزواج

      حذف
  4. يا اخي العفة لا يمكن ربطها بالعمل؛فهي صفة لشخص,يمكن ان يحتفض بها مع العمل كما يمكن ان تفقد ولو بالمكوث في البيت.

    ردحذف
  5. يا اخي العفة لا يمكن ربطها بالعمل؛فهي صفة لشخص,يمكن ان يحتفض بها مع العمل كما يمكن ان تفقد ولو بالمكوث في البيت.

    ردحذف
    الردود
    1. أكيد أختي نوال.. وفي نهاية المقال بينت هذا الأمر.

      حذف
  6. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
    جزاك الله خيرا على هذا المقال كرهنا من دعاة تحرر المرأة ومساواتها مع الرجل والإخطلاط والكوارث التي جروها على المسلمين من خينات زوجية ودياثة وأنا معك في كل ما قلت والله أعلم

    ردحذف
  7. شكرا. جزيلا ياخي

    لكن المرأة الماكثه في البيت عندها الكثير من الوقات فكيف تقضيها خاصة وان بيوتنا صارت منفردة وليس الماضي كانت البيوت ممتلاه بالنساء اخوات زوجات الاخوه ام ....وكانت المرأة منشغلة بالاعمال التقليدية والخروج الى الريف ....في غياب وسائل الاعلام الحالية

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة