ماذا حدث في عين أمناس؟

           الجميع شاهد حادثة اقتحام منشأة الغاز في عين أمناس جنوب شرق الجزائر منذ فترة..والتي أدت إلى احتجاز أكثر من 600 عامل من جنسيات مختلفة.. وقد تم تحرير الرهائن على يد القوات الخاصة الجزائرية، في تراجيديا أدت إلى مقتل عشرات العمال الأجانب.. لينتفض العالم بين متفهم للسلوك العسكري، ومنتقد للتسرع اللاتكتيكي.. وبين هذا وذاك حدث الاختراق الأمني الأخطر لأهم منطقة اقتصادية في الجزائر، وهز الدولة ببُعبع الحرب على الانقلابيين في مالي.. وتبعته نتائج سرّعت من اندلاع الاحتجاجات في الجنوب.

التعاون الجزائري الفرنسي من أجل التدخل العسكري في مالي كان من أهم الأسباب التي حفزت المجموعة الإرهابية لاقتحام قاعدة "تيجنتورين" الغازية في إليزي، ورغم تعدد جنسيات أفراد تلك الجماعة التي كان منها حتى الغربيين والمشارقة، إلا أن الحدث كان بنكهة جزائرية ذكرتنا بمجازر التسعينيات، ولتفادي سيناريوهات أسوء بادرت وزارة الدفاع الوطني بالتدخل لإنقاذ الرهائن.. وعن هذه الخطوة انتقد الكثيرون هذا التسرع والتكتم في نشر المعلومات الخاصة بالوضع ساعتها.. ما أدى إلى تضارب الأنباء وتفشي الإشاعات والأكاذيب من مختلف وسائل الإعلام.
لحد اللحظة نحن نقلنا الوقائع برواية رسمية.. ولكن الحقائق تبين متناقضات كثيرة.. فالجماعة المسلحة التي اقتحمت القاعدة الغازية لم تكن محكمة التخطيط.. إذ أن عددا من المحتجزين تمكن من الفرار بسهولة.. أما عن العملية برمتها فتحمل بصمات التدخل الأجنبي بروح المؤامرة.. أسلحة متنوعة متعددة.. وجنسيات مختلفة.. يجعلنا نتجاوز حكاية تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الإسلامي..
سهولة اختراق أكبر منشأة غازية في الجزائر يقودنا للتساؤل: أين كان أعوان الأمن المكلفين بالحراسة، خاصة وأن الظروف الراهنة مع حرب مالي، تنذر بالخطر في أية لحظة؟ أما عن العبث السياسي الفرنسي فله معاني أخرى تتحدث عن آتِ مُريب في المنطقة.
التصديق باعتباطية حادثة عين أمناس درب من الدّروَشة.. فالجزائر منذ الثورة على القذافي، عمدت إلى حشد عدد كبير من القوات على الحدود الصحراوية.. وحتى وإن كانت حدودا شاسعة يصعب التحكم فيها.. إلا أن الاعتماد على التقنية الحديثة قد يخفف من عبء المساحة.. ولا ننسى في هذا إمكانية التعاون السري والمعلن بين الجزائر والولايات المتحدة وفرنسا في هذا المجال..
إذن.. من هجم على "تيجنتورين"؟ ولماذا تم غلق ملف القتلى الأجانب دون مساءلة فعلية؟ هل من قوة دولية تعمل في الخفاء لكتم الأصوات المنتقدة للتدخل العسكري الجزائري في القاعدة المخترقة؟ هنا انحاز عدد من المؤمنين بنظرية المؤامرة إلى التدخل الفرنسي، ومسؤولية باريس عما حدث.. وبعض الأطراف جعلت من العملية استعراضا للنظام الجزائري حتى يثبت جاهزيته العسكرية أمام العالم.. وقد قلل الآخرون من فرضية ضلوع أتباع تنظيم القاعدة في اختطاف الرهائن..
ويبقى احتمال آخر قد نصل إليه استنتاجا يُسمى دخول الموارد النفطية الجزائرية في حرب نفوذ داخلي بين أقطاب المال والأعمال في النظام الجزائري، ومن الممكن أن يكون سكان الولايات الجنوبية قد تفطنوا إليه في احتجاجاتهم الأخيرة.. حسنا في كل اتجاه لابد من التفكير جيدا في مصير البلاد قبل كل شيء، والاعتبار بما يحدث في الدول التي حل بها ربيع العرب ولم يثمر إلا فوضى وتنازعا لم يأت بخير لحد الآن.. فهل من معتبر؟؟
بقلم / معمر عيساني.
    

تعليقات

  1. تحليل منطقي، و لا يمكن إستبعاد أي من الفرضيات التي تطرقت إليها في مقالك اخي عيساني ... أنا من أشد المعارضين لنظرية المؤامرة ، لأنه و كما تطرقت في المقال ن الصمت الدولي و التأييد لموقف الجزائر من الحادثة مريب جدا ، رغم أن هذا الأمر نفسه يصب في خانة المؤامرة ، لكني أعتقد انها مؤامرة داخلية خارجية ... الحادثة برمتها مريبة للغاية، و لحد الآن لا توجد أي رواية أو تحليل مقنع يمكن تبنيه ، ربما عامل الزمن هو الذي سيكشف لنا مالذي حدث و ما يحدث في بلادنا الحبيبة ، نسأل الله السلامة و الأمن

    ردحذف
  2. عزاؤنا الوحيد.. أن الزمن كفيل بكشف الحقائق وإن طال..

    ردحذف
  3. سفيان17/3/13

    أنا لدي إيمان راسخ بأن الجماعات الوهابية الإرهابية هي صنيعة غربية تضرب بها متى شاءت وأين شاءت .ومن هذا المنطلق أقول أن الجماعة التي اقتحمت القاعدة الغازية كان تسليحها وتحركها بأوامر غربية بطرق غير مباشرة طبعا وهذا من أجل الزج بالجزائر في المستنقع المالي . أما الحديث عن أعوان الأمن فهذا يجرنا إلى كشف حقيقة مهمة وهي أن القواعد البترولية في الجزائر كان يحرسها الجيش ثم نقلت هذه المهمة إلى الشركات الخاصة والتي هي ملك للجنرالات والتي أنشأوها للحصول على المزيد من الأموال .فالبلد بلدهم والمال مالهم أما الشعب فليذهب إلى الجحيم....
    حسبنا الله ونعم الوكيل

    ردحذف
    الردود
    1. رأيك مقبول..
      ولكنه يأخذنا إلى القول بارتجالية تسيير الموارد الهامة في البلاد؟؟

      حذف
    2. سفيان28/3/13

      طبعا ياأخي فالبلد تسير كلها بارتجالية وفي جميع المجالات
      فنحن أشبه بتلك السفينة التي تسير في عرض البحر من دون ربان فتلطمها الأمواج كيفما شاءت وتجذبها التيارات حيثماأرادت...

      حذف
    3. أخشى أن يكونوا ـ هم ـ أشبه بالقطيع التائه...

      حذف
  4. الفردوس17/3/13

    تحليل شامل لكل الإحتمالات ، أنا أرى عند التمحيص الدقيق أن غياب المراقبة الأمنية ليس عبثا ، ففي سنوات الجمر لم تتجر الجمعات الإرهابية علي مصادر ثروة الجزائر رغم أهميتها ، بل أيضا للمراقبة الإمنية المشددة على هذه المناطق ، إذا فهو يفوق مجرد إستعراض للقوات العسكرية للجزائر ، فجعل الجزائر في هيئة المتضرر على خلفية القرار الذي يسمح بعبورطائرات القوات الفرنسية في سماء الجزائر ، يسمح بإعادة النظر في ذلك بعد الموافقة عليه في ظروف ما ولمصلحة ما ،والله أعلم

    ردحذف
    الردود
    1. هذه الاحتمالات من الممكن أن يكون أحدها صائبا ولكن الحقيقة ستكون أعظم من ذلك..

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة