أبناء "فالنتين" يزورون مكة

        لابد أن آخر واحد منكم أيها المذكرون أرسل هديته بالبريد السريع.. فالمجتهدون قد وقـّعوا التسليم بقـُبلة، وربما عليها إثاوات مجانية.. إنه الـ14 من فبراير عيد المحبة والألفة.. وألف عاطفة أخرى منها ما بدا ومنها ما خفي.. لا تستغربوا فجميع الفتيات قد حشدن الماكياج وتأنـّقن لاستقبال الوفود..


تعود فكرة عيد الحب إلى ذكرى وفاة القديس"فالنتين".. حيث انتبه النصرانيون إلى ضرورة تقدير الرجل على حسن الولاء "لبُهتانه المبين"، فابتدعوا الـ14 فبراير، كجزرة يتبعها حمير المسلمين وبغالهم.. إذ بعيدا عن صدق النوايا بجعل يوم إنساني للعاطفة.. نجح النصارة في ترسيم ذكرى رجل دين منهم وجعله رمزا للحضارة والمحبة.
هنا وبيننا.. ينتشر اللون الأحمر وأكياس القلوب الدامية، وعلب الهدايا المملوءة برغبات شتى.. قد تبدأ بكلمات الحب العذراء، إلى خلوات حمراء.. وفوق هذا لا يتوانى البعض في التفاخر بالاحتفال بهذا اليوم الذي أصبح بمرور السنوات وقفة لابد منها في مجتمعاتنا العربية الإسلامية.. وقفة لدعم الفساد في مؤسساتنا التربوية وجامعاتنا وأسواقنا ومحلاتنا التجارية، وحتى في مكاتب العمل وردهاته المظلمة.
قد يكون من الغباء اقتصار عواطفنا على يوم واحد.. ولكنها طريقة ناجحة لدى البعض لاصطياد بعض الفرائس الأنثوية الجديدة، أو حتى لتمديد عقود استغلال منتهية الصلاحية.. فلا تعجبوا من التأهب الكبير لهذا اليوم كأنما هو ليلة قدر أو عيد فطر أو أضحى.. وحتى لا نتكلم بمنهج شرعي قد ينفر منه عدد من مرضى النفوس.. نتجه إلى الواقع وزوايا المجتمع.
ترصد مصالح الأمن في دول عربية مختلفة الكثير من حالات السكر والعربدة في الطرقات، وممارسات الفعل المخل بالحياء حتى في باحات المقابر.. كما أن الحانات والملاهي ستبلغ ذروة نشاطها ليلة الـ14 فبراير.. أما محلات الهدايا والإكسسوارات، يكفيها خيرا وبركة من "فالنتين" فائض الأرباح في ذلك اليوم بل كامل الأسبوع..
أضحوكة عيد الحب أصبحت رسمية في الإعلام العربي.. فكل الفضائيات والمجلات تنوّه بالمناسبة.. حتى القنوات التابعة لرجال أعمال خليجيين وسعوديين.. ففي الوقت الذي يشقى فيه أبناء المسلمين في سوريا وفلسطين والسودان وأفغانستان، وبورما وسائر البقاع، تتنافس القنوات في تمرير صورة مُفبركَة لحياة افتراضية من العشق والسعادة حقيقتها زنا وعلاقات مُحرمة.. وبدل أن يعمل هؤلاء على تثبيت الشباب غير القادر على الزواج بالصبر وحتى الإعانة المالية لفتح بيوت زوجية صالحة.. يثقلون كاهلهم بالفتنة وإضرام نيران الشهوات في صدروهم..
حال الأمة هوان وانقسام، ولا ريب أن سُنة الكون تفرض اتباع الضعيف للأقوى وذوبانه في مياهه مهما بلغت من الكدر.. ولكننا نأمل في صحوة لازلنا ننتظرها من نخبنا النائمة منذ أمد بعيد.. نرنو علها تستيقظ ببعض التغيير والانتفاض.. وإلا فسنستقبل أبناء "فالنتين" في مكة العام القادم.
  بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. سفيان20/2/13

    بوركت على هذا الموضوع أخي معمر
    ولاتعجب من هؤلاء الإمعات-إن صح التعبير-فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ صحابته الكرام رضوان الله عليهم أنه سيأتي زمان على المسلمين يتبعون فيه اليهود والنصارى حتى في دخول جحر الضب.
    ونحن لانملك إلا أن ندعو بالهداية لهؤلاء ولنا جميعا..

    ردحذف
    الردود
    1. لقد دخلوا جحر الضب وفي أيديهم باقة ورود حمراء

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة