من ديغول إلى هولاند.. الجزائر فرنسية؟؟


أكاد أجزم أن من الجزائريين من تمنى أن يطأ الرئيس الفرنسي ظهره قبل وطء الأرض يوم زيارته الأخيرة للإرث الديغولي.. الجزائر كأنها لازالت مقاطعة تابعة للدولة الفرانكفونية.. يلهث ولاتها وحكامها لأجل حسن الاستقبال، عموما الحصول على شهادة في مسح الأحذية معروف لدى طائفة كبيرة من سكان نوميديا اليوم..

راهن بعض "المتجزئرون" على نزع اعتراف من هولاند بارتكاب مجازر حرب في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي الذي دام ما يقرب القرن والنصف قرن.. وربما لا يزال مستمرا؟؟.. لكن الرجل ليس مستهلـَكا مثل غيره هنا.. فلم يتعِب نفسه إلا بكلام فضفاض.. أجمل ما فيه مصنع "رونو" الذي أصبح مشروعا وطنيا وحضاريا بين يوم وليلة.. لا أدري ما الأثر الحقيقي لهذا المصنع على حياة المواطن الجزائري عندما يُشيد؟؟
لا أخفيكم سرا أني كنت أحسب الرئيس الأسبق "ديغول" هو من أهدى الاستقلال لجبهة التحرير الوطني.. لا لشيء إلا لأجل الموروث التاريخي المتداول في مرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط حينما كنت أدرس.. سرعان ما عرفت الحقيقة بنضوج وعيي الفكري.. واطلاعي على أننا لم نستقل أصلا حتى اليوم إلا على صفحات الدستور..
انتصار مفاوضات "إيفيان" قبيل الاستقلال في سنة 1962م، نصت على بنود لم تنشر لحد الآن.. وموافقات انهزامية قدمها المفاوضون الجزائريون للجانب الفرنسي، ورغم ذلك تم تغليف المُنتـَج واعترف العالم بدولة "الجزائر".. أيام وينقلب "هواري بومدين" على جمهورية "أحمد بن بلة"، ويشيد الرجل العسكري معادلة جديدة في المغرب العربي، قد توصف بالابتعاد عن الأبوة الفرنسية.. لكنها سرعان ما عادت المزرعة الديغولية إلى باريس..
الفرانكفونية غزت دهاليز الإدارة، وهجّنت أروقة المدارس والجامعات.. وجهود جمعية العلماء المسلمين بالأمس ضاعت هباء منثورا.. وأمسك العلمانيون زمام السلطة في البلاد خاصة نهاية عهد "الشاذلي بن جديد"، والمشهد يكتمل: عشرية سوداء بل حمراء من مجازر الإرهاب الذي يجهل كنهه ومصدره، وإن عُـلم فهو مشتبه وغير متشابه.. ويأتي زمن "عبد العزيز بوتفليقة" الذي اختزل جميع المراحل السابقة إيجابا وسلبا..
وضمن كل هذه الحِقـَب، لم تتوان فرنسا في إثبات شرعية ابنتها المتوسطية.. واجتهدت في الحَجر على سياسات البلد بما يهوى الباريسيون، ولعل أكثر ما ساعد على ذلك ميل الشعب الجزائري لعشق النموذج الفرنسي في المعيشة، وتفضيل الإقامة بل وحتى الموت على أرصفة "ليون" و"مرسيليا" على انتظار منحة تشغيل الشباب في وهران أو العاصمة..
قد تكون الأوضاع المزرية التي نعيشها مشجبا لتعليل موالاة العامة للدولة الفرنسية، والتضرع بكرة وعشية من أجل الحصول على تأشيرة نحو ذلك الفردوس المفقود في نظر الشباب الجزائري.. لكننا لا نغفل مسؤولية الآخذين بناصية البلد، وفشلهم في إكمال مسيرة الشهداء وبناء الجزائر النموذج الذي تمت من أجلها التضحية، فلا سيادة وطنية كفلت اعتذارا من الرؤساء االفرنسيين المتعاقبين على ما بدر من أسلافهم إبان الاحتلال، ولا سياسة واضحة لنزع التبعية العاطفية والاقتصادية وحتى الاجتماعية في الجزائريين اتجاه مستعمر الأمس، ولا نهضة حقيقية تنطلق بالبلاد من رداءة المعيشة إلى أحسنها...
بقلم / معمر عيساني.

تعليقات

  1. سفيان11/1/13

    للأسف الشديد ياأخي فرنسا خرجت من حقولنا لكنها مازالت معششة في عقول وقلوب أصحاب القرار عندنا.
    أما العوام فالقول بأنهم موالون لفرنسا فهذا كلام فيه مبالغة لأن الجزائري البسيط عندما يذهب إلى فرنسا أو إلى أي بلد آخر فهو يبحث عن لقمة العيش التي حرمه منها أولاد الكلب في بلاده.

    ردحذف
    الردود
    1. كلامك مقبول جدا أخي سفيان
      ولكن لا تنسى الطبقة الفرانكفونية التي تستنشق فضلات الفرنسيين وتجعلها ثقافة ومرجعية

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة