الجزائريون في 2013: للبيع!

            بعد الفتح المبين لوزارة النقل.. ورفع تسعيرة ركوب "الدواب" في الجزائر، يستبشر المواطنون ببركات العام الجديد في إضراب الخبازين وعمال المصالح المالية، وحتى البطالين الذين يطالبون بوضع قانون أساسي يحمي هذه الفئة المُهمشة من مشاريع التوظيف الوهمية.. ومع الأزمة "العاطفية" في مالي.. وغزوة عين أمناس تأكدت بشارة 2013 وفـُتح المزاد لبيع الجزائريين بالتجزئة وحتى بالجملة.


لم يكن قرار رفع تسعيرة النقل مبررا في حينه إذ كان مفاجأ.. وحتى إذا أردنا العدل وإرساء الحقوق للناقلين الخواص الذي هم من الشعب.. فنسأل: ما دامت الدولة تفكر في هؤلاء، لماذا لم تخفض في الضرائب وتدعم القطاع بدل اقتصاص ذلك من المواطن البسيط..؟ فلن يستعمل النقل الجماعي في عُرفنا إلا ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون ركوب سيارات الأجرة أو حتى شراء سيارة نفعية..
البلاد التي نحبها تدعم الخبز والحليب كونها من المواد الاستهلاكية الأساسية..ولكن أعتقد أن الجهات الوصية رفعت يدها عن الأمر وجعلت الحبل على الغالب.. فسعر الخبز مرشح للزيادة إن لم يزد أصلا في بعض المناطق داخل الوطن.. وحتما سيجد البسطاء في البلد فسحة من الإنفاق عندما يرغبون في سحب دُريهِماتهم من مكاتب البريد فيجدون سعادة الموظفين في إضراب وغنج..
وفي المقابل.. بدل أن يفكر المغضوب عليهم والضالون في استرجاع حقوقهم أو لنقل حفظ كرامتهم، يتهافتون ويَـلغـُون غيهم في قول الرث من الرأي.. فيُحمّلون الأساتذة ومن دونهم عمال قطاعات الصحة والجيش مسؤولية الزيادة في الأسعار كونهم أضربوا وتحصلوا على مبالغ كبيرة من الدولة ربما جعلتهم في مصاف المترفين.. وإن كان فهؤلاء ليسوا إلا كادحين في هذا الوطن تكلموا بأعلى صوتهم مرات سابقة فلم يحصلوا إلا على الفتات مما يتداوله "الكبار" في حاسي مسعود، أما العامة من الشعب ضحايا الإعلام الموجه لا زالوا يصدقون خرافة الستة ملايين سنتيم التي يتحصل عليها الأستاذ كل شهر، وهو لا يبلغ إلا نصفها بشق الأنفس!
مشكلة الجزائريين ليست النظام بحد ذاته ـ كما قلت في مواضيع كثيرة ـ وهو ما أتأكد منه في كل موقف.. المشكلة هي سياسة "القطيع" التي يمشي بها الشعب.. نحن لا نطالب بحقوقنا بل نزعج بعضنا ونعتدي على حقوق الآخرين.. فعند رفع تسعيرة النقل لم يجتهد المحتجون والرافضون في نقل شكاويهم إلى عتبات مديريات النقل عبر الولايات، بل قطعوا الطريق أمام المركبات ليكون الضحية ذلك العامل البسيط والطالب المغلوب على أمره وذوي الاحتياجات الطارئة والدائمة..
وعند تنظيم الاحتجاجات لن ترى إلا المتردية والنطيحة من هذا المجتمع.. قـُطاع طرق، مدمنين، ومتسكعين، يستغلون الفوضى لأجل رغباتهم العشوائية.. أما النخبة وذوي العقول الراجحة فخير ما تراهم عليه الجلوس في مقاهي بعيدة عن الصخب وتبادل الحكم والأمثال والمواجع المُلحّنة على هذا الواقع.. فأين الشاري والمشتري فقد ضعف الطالب والمطلوب..
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. سفيان27/1/13


    أنا لاأوافقك أبدا في قولك أن الشعب هو المسؤول عما يحدث بل النظام هو الذي يتحمل النسبة الكبيرة من المسؤولية عما نحن فيه .
    نعم أنت ذكرت بعض الأمور السلبية في هذا الشعب ونحن لاننكر وجودها لكننا نسأل من المتسبب في وجودها؟
    طبعا للإجابة على هذا السؤال يجب علينا العودة إلى الوراء وتتبع الأحداث فنحن ياأخي خرجنا من ظلمة الإستدمار الفرنسي شعبا جاهلا لايوجد من بين أبنائه من يكتب ويقرأ إلا نسبة ضئيلة جدا.فكان لزاما على الدولة في ذلك الوقت وفي كل الأوقات أن تأخذ على عاتقها مسؤولية تعلمينا وتثقيفنا وتربيتنا على منهج صحيح فهل فعلت الدولة ذلك ياأخي؟؟
    أما لومك للنخبة من الشعب فأنا أوافقك عليه تماما ففي الحقيقة المسؤولية عن حال أي أمة يتحملها العلماء والحكام وعندما نقول العلماء لايعني أننا نقصد علماء الدين فقط مثلما يتبادر إلى أذهان البعض ولكننا نقصد جميع المثقفين وفي مختلف المجالات.
    إننا اليوم نعيش أوضاعا كارثية على كل الأصعدة ويجب على كل غيور أن يبادر إلى المساهمة في إنقاذ هذا الوطن العزيز من الغرق كل حسب استطاعته وكل من منصبه وأهم مايجب أن نقوم به هو إصلاح العلاقة بيننا وبين الله عزوجل وأن ننبذ الأنانية والعقلية المادية المقيتة...

    ردحذف
  2. إن مثل الدولة بين شعبها مثل الأب في أسرته يوجه ويقوم.. ويعمل على التحسين والتطوير..
    أما نحن فأبونا يقامر ليلا ونهارا.. مزواج.. لا يحب الاستقرار ولا بناء بيت يستره..

    ردحذف
  3. سفيان6/2/13

    يوجد مثل شعبي جزائري يقول-بالدارجة طبعا- : داروها الكبار وحصلت في الصغار.
    حسبنا الله ونعم الوكيل

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة