اللاجئون السوريون: منفيون معذبون ومغتصبون

بات من المنتظر رؤية امرأة سورية تصحب ابنا لها أو ابنين، تتسول على قارعة الطريق أمام واجهات المحلات أو البنوك.. أو حتى المساجد.. بيدها جواز سفر مُنهك بآلام شعب عربي، وفي صوتها أحزان من الشام تحكي مجازر آل الأسد، وترجو عطفا وإشفاقا.. من إخوتها في الجزائر وسائر البلاد التي وطئتها أقدام اللاجئين السوريين، ليكتمل مشهد ثورة "درعا" المتشعبة في مملكة الطائفة العلوية، حارقة حلم الشيعة وحزب الله والموالاة في لبنان، معلنة زمن الفوضى وانقضاء الأمن والسلام.

تركيا، العراق، الأردن وبقية الدول العربية.. كلها استقبلت عددا معتبرا من اللاجئين السوريين الفارين من مجازر الجيش النظامي التابع لبشار الأسد.. والذي كان من المفترض أن يحميه لا أن يُهجّره إلى الفيافي والأحراش.. ثورة جاوزت العام والنصف وجعلت من قضية دمشق نزيفا لا يتوقف من دماء المواطنين الأبرياء وسط تماطل دولي، أقرب ما يكون إلى الصفقة السياسية مع نظام فك ارتباطه الوطني والعقدي وحتى الإنساني مع شعبه ..
تفيد التقارير أن السوريين الفارين من الشبيحة يتزايد عددهم بتزايد عدد القتلى.. ما يجعل سوريا بلادا غير صالحة للعيش بتاتا، اختطاف متكرر للمواطنين، جثث تلقى على الطرقات، قصف يقبر الناس في منازلهم، تهديد ومتابعات واعتقال تعسفي، وأعمال اغتصاب وسرقات جنونية.. الرئيس السوري غضب الله عليه وأسخطه، أذاق شعبه ما لم يذقه شعب على يد اليهود أو النصارى.. حطم حلم سوريا الممانعة الواقفة في وجه الصهاينة.. وترك من تاريخها مخازي العلويين المستنجدين بالحرس الثوري الإيراني للإعانة في قتل بني وطنهم..
 اللاجئون السوريين في رحلة البحث عن الأمن والنجاة من الهلاك، يعانون ويخاطرون في كل حين.. فبدءا بالعبور من الحدود وسط ذعر وخشية من تفطن الجيش النظامي لهم، يرسمون لحياتهم خطا أحمرا لا رجعة فيه.. إذا ما وصلوا إلى أقرب الدول المجاورة لهم، قد يكون الحظ حليفهم في إيجاد خيمة تقيهم الحر والبرد، وربما لن يجدوا إلا العراء ليأووا إليه..
في تركيا أكثر من استقبل هؤلاء المعذبين في الأرض، تقوم حكومة أنقرة بتوفير ما يمكن توفيره من ظروف العيش كحد أدنى.. ولكن رغم هذا لا يخلو مكوث العائلات السورية هناك من تهديد لأمنهم.. فحسب بعض وسائل الإعلام تكون النساء أكثر عرضة للاختطاف والتحويل لممارسة الدعارة والاتجار باللحم الأبيض.. خاصة وأن الأخوات هناك يشتد عليهن الطلب.. وبعض الحالات موثقة كما يدعي ممثلو الجانب السوري الموالي للنظام..
نسوة الشام الطاهرات لم يسلمن من دنس شياطين الإنس في الداخل، على يد الشبيحة والمرتزقة الوافدين من إيران وحتى "لبنان حزب الله"، فهن عرضة للاغتصاب والاختطاف كلما ظهرت فتن الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة ليس في الشام لوحدها بل في سائر تاريخ البشر.. ما يلفت انتباهنا لمأساة حقيقية يعيشها الوجود السوري لأول مرة في تاريخه المعاصر..
زد على هذا، الوضع المزري للأطفال والشيوخ، غير القادرين أصلا على النزوح لخارج الوطن، فكيف بهم أن يعيشوا في الطبيعة القاسية.. ونحن في صيف لاهب بحرارته وقد شهدوا رمضان الصيام وهم بأضعف حال.. لا ننس ذكر المفقودين، الذين يبقون معلقين في بال أهليهم وذويهم لا هم موتى فيرحموا ولا هم أحياء فيُرجَو.. وكثير منهم مسجون يُعذب أشد العذاب حتى تخرج روحه إلى بارئها.. هذا مآل شعب أعلن ثورته ينشد الحرية والنصر ليجد نفسه في مهب الريح..
لا يمكن إيقاف الثورة بأي حال من الأحوال، كما يصعب كثيرا التصديق باستمرارية النظام السوري في حكم باطل باطل باطل بطلان الكفر والشعوذة.. إنها مسألة وقت لا غير، وتنتهي حثالة بشار "اللاأسد"، ولكن سيتعب السوريون كثيرا ويدفعون الثمن غاليا من أجل لحظة الاستقلال والحرية.. ولن يكون سهلا أبدا بناء سوريا من جديد بعد كل هذا الخراب وسط طوائف ومذاهب وقوميات تشكل الكيان السوري المنهار من لدنه.
بقلم / معمر عيساني



تعليقات

  1. سفيان21/8/12

    إنها الحرب اللعينة لايأتي منها إلا الألم
    وليس النظام وحده من يتحمل المسؤولية بل كلا الطرفين مسؤولين عما يحدث

    ردحذف
  2. ولكنها وقعت والنظام السوري الجبان تمادى في القتل والتنكيل..
    فإلى متى يستمر الوضع على هذا الحال
    لابد من تتدخل دول العالم لإنقاذ المدنيين العزل..
    هنا أمريكا سيدة الموقف..

    ردحذف
  3. سفيان29/8/12

    عن أي أمريكا وعن أي دول العالم تتحدث
    ياأخي كل دولة اليوم لايهمها إلا مصالحها والسلام
    والحل لن يكون إلا سوريا وذلك بجلوس طرفي النزاع إلى طاولة الحوار وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة

    ردحذف
  4. ضعف الطالب والمطلوب//

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة