متى سنبني أول مسجد على سطح القمر؟؟

إذا ظننت السؤال سخيفا، فصحح عقيدتك! فليس القمر بـِـدْعـًا في مخلوقات الله.. ألا له الملك ما ظهر لنا منه وما بطن.. أما الوصول إلى الإجابة، فهو واجب شرعي، يمكن أن يجزئه فرض كفاية.. ولمن أتعبته بعض المصطلحات الفقهية.. فليتجه إلى نفسه، ولينظر إلى القمر.. ولا يدعي السقم كما أتاه إبراهيم الخليل مع قومه.. وإنما فليسائل نفسه عن موعد أول ركعة على سطح ذلك الكويكب.. خلف أي الأئمة سيصلي، ومن أي الأبواب سيدخل المسجد؟؟

أخذ الأمريكان شرف وطء أديم القمر لأول مرة.. وربما لم ينل المسلمون من الحدث غير مشاهدة صور الرواد وهم يتقافزون ويثبتون علم الولايات المتحدة على سطحه، وآخرون راحوا يشككون ولا زالوا في الواقعة بأكملها، فيدعون أنها مجرد خدعة من هوليود.. ولا أدري متى سيعي هؤلاء القوم محلهم من الإعراب..؟

لحد الساعة، تحتكر وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" وحلفاؤها في أوربا وشرق آسيا مجال الفضاء واستكشاف كنهه.. وهم إن استطاعوا أن ينفذوا من أقطار السماوات والأرض فإنما كان ذلك بسلطان العلم.. فأي علم يملكه المسلمون اليوم؟؟

يكفي آذاننا ما كنا عليه من حضارة في قديم الزمان.. ولنولي وجوهنا شطر الجهالة التي كبلتنا في عصر تنافس فيه الأعداء على تنازعنا كما يتنازع القوم قصعة طعامهم... من السذاجة أن نؤمن برغبة الغرب في مساعدتنا علميا، بتطوير مؤسساتنا الجامعية ومراكز البحوث العليا.. فهي مجرد نكتة.. يقوم فيها أرباب العلم في الضفة الأخرى بإرسال طاقم من أشباه العلماء ليتفضلوا علينا بفتات دراساتهم واكتشافاتهم..

هم غير ملومين.. فما ذنبهم إذا كنا غافلين غير مهتمين بتطوير أمتنا، بل هم على صواب.. فليست مسؤوليتهم تثقيفنا وتعليمنا، إذا كنا نجتهد في كل ما أوتينا منهم لرسم أشكال ومظاهر مزيفة لفئة مثقفة، تعتبر قلة في مجتمع مستهلك لدرجة الإدمان على الأكل والملبس والرفاهية والكماليات..

وصل الحد بمن يدعون العلم من نخبة الأمة إلى جعل التحضر، لباسا يلبسونه، وكلاما مرصعا يقولونه، وبرتوكولات جوفاء يتمثلون بها، وضاعت معهم آمال التطور والرفعة، واضمحلت أرديةً بالية من أوربا وأمريكا.. تجعل من أولي العلم، أناسا يتقنون الفرنسية والإنجليزية وعديدا من اللغات، ويجهلون عربيتهم.. جعلتهم يلبسون ملابس "مايكل" و"جاك" وبهدلات "ماري" و"نانسي".. ويتناسون حشمتهم وستر عوراتهم... جعلتهم دُمى من غير هوية ولا روح.. ومسحت من أذهانهم دينهم وأخلاقهم..

إذن من غير المنطق أبدا أن نعوّل على أولئك لصنع مجد أو فتح نصر.. إنما هم حجر عثرة أمام تغيير الواقع المأساوي لنا.. معاهد ومؤسسات يدعي مدراؤها أنها للعلم وللبحث، وما هي إلا لنهب المال العام وتسكع الطلبة والطالبات.. اتفاقيات شراكة مع أطراف من أوربا وأمريكا تذهب مهب الريح هدفها الوحيد تزيين الواجهة لا غير..

أمام كل ما ذكرناه.. نعيد تساؤلنا الأول.. متى سنبني أول مسجد على سطح القمر؟؟ تساؤل من شأنه فتح تساؤلات أخرى تضاهيه في الأهمية والخطورة... متى سنمتلك جامعات حقيقية؟.. متى نجعل من الطلبة العرب مفكرين باحثين ومطورين للدراسات انطلاقا من الذات بعيدا عن التبعية للغرب؟.. متى تهتم الأنظمة السياسية والجهات المالية بتمويل البحوث والدراسات في الوطن العربي والإسلامي؟ متى ينشأ أطفالنا منذ الصغر على حب العلم والاكتشاف والتميز؟.. متى نشجع الموهوبين وأصحاب الكفاءات ونمد لهم يد العون في تنمية قدراتهم ودعم إنجازاتهم؟..

متى نجعل من كل الملايين المحسوبة على الإسلام أمة واحدة همها رفع كلمة التوحيد والدين؟ متى نجعل من هذه الأمة دليلا على عظمة الله بما حباها به من قرآن مجيد ذو معارف لا حدود لها؟ متى نكون أمة تتجاوز القومية العربية إلى عالمية تنطق بكونية رسالة الإسلام؟.. ومتى نحقق فرض الدعوة إلى الله بدءًا بإصلاح أنفسنا، وانتهاءً بكشف جلال ديننا بما استودعه الله فيه من نصر لتابعه ورفعة لناصره؟؟

بقلم / معمر عيساني