وهران: إمارة إسلامية


جولة خاطفة إلى عاصمة الغرب الجزائري.. وهران، جعلتني أستغرب عددا من المشاهد.. مطاعم عامة تضع قناة العفاسي للقرآن الكريم، موظفون يتواعدون للقاء في ندوات للسنة النبوية، ومشيت في أكبر أسواق المدينة الجديدة، فلم أسمع إلا أغنية في مدح النبي والصلاة عليه، ولم أجد أغنية واحدة لـ "الرّاي" في بلد "الرّاي"؟؟
من المقبول جدا تسمية وهران بـ "باريس الثانية".. فمنذ وجود المحتل الفرنسي تميزت المدينة بتحرر المرأة وانفلات الأخلاق الإسلامية من ذمم عدد من قاطني تلك الأرض.. كما زاد القرب الجغرافي وحتى الاجتماعي من إسبانيا في جعل أزقة وهران أماكن للمتعة والسهرات وترويج الدعارة والخمر وسائر الموبقات..
حسنا لسنا في مكة قبل الإسلام.. ولسنا من دعاة الهجرة والتكفير.. بل إن نصف أقاربي من وهران، وأعتز بذلك.. لكنني أقف أمام طرح "بريء" لظاهرة متأصلة في العقلية الجزائرية.. وهي أن الغرب عموما ووهران خصوصا.. متنفس أصحاب الشهوة والنوايا البهيمية..
ولنوضح الصورة، علينا أولا أن نُجمِـع على أن ما كان "حصريا" في وهران، تداولته سائر ولايات القطر الجزائري، فالدعارة وانحلال المرأة بلغ الصحراء والبوادي وأعالي الجبال، ناهيك عما في المدن من لحم أبيض وأصفر... ثم إن كثيرين يؤكدون أن مرتكبي الفاحشة في المدن هم بالدرجة الأولى الوافدون إلى المدن، وليسوا ساكنيها..
نحن لا نجمع الأعذار للمذنبين.. ولا نرميهم بالتهم.. بل نبحث عن بصيص من النور في ولاية أثقلها دعاة الفساد بما يأتونه من هلاك.. فوهران تزخر برجال ونساء يملأ الإيمان قلوبهم ويحرك الإسلام جوارحهم.. وفيما نرى من حركة توعية وإصلاح بُشرى بالخير.. ندوات دينية، عدد متزايد من المصلين، وحجاب يعتلي نواصي الفتيات، وأخلاق تلملم شتات المجتمع هناك.. كلها تضع محاور الانطلاق في تغيير "الداخل الوهراني"..
مشكلة المدينة بالأساس مشكلة جنسية، والجنس ـ أو بعبارة أخرى "الزنا" ـ ساهم في انتشار الآفات الاجتماعية من سرقة ومخدرات وتفكك أسري.. فإذا جئنا لعلاج كل تلك المشاكل، علينا أولا أن نقضي على رأس المشكلة، وهي الجنس..
 وسبيله: توعية النساء، بل تربية الجيل الصاعد، على ضرورة العفة والتحلي باللباس الشرعي الذي لا يجعل من جسد المرأة شريحة لحم معروضة للمساومة.. ثم نأتي إلى تعجيل الزواج، وتسهيله لمن أراد تعففا.. كما لا نتجاهل إلزام الرجال بردع زوجاتهم وجعلهن أكثر احتشاما وملازمة للبيت، وتغيير ذهنية المرأة الوهرانية القائمة على ارتداء الملابس الفاتنة من "سراويل" و"جلابات"، وانفتاحها في معاملاتها مع الغير..
كان هذا مجرد عرض مبدئي لما يمكننا فعله لـ"أخلقة" وهران.. ولكن المهمة جد صعبة.. فالمنطقة تخضع لقطبية مالية يصنعها رجال الأعمال، ورواد الرذيلة الذين يصرفون الملايين في الليلة الواحدة.. والصيف بلياليه وملاهيه وشواطئه ودهاليزه، يترجم لنا تأصل الأزمة بوهران..
مع هذا لا بديل للعمل على الإصلاح والدعوة إلى خير.. فأين نحن من قوم لوط وعاد وثمود، وأهل مكة قبل الإسلام.. كل أولئك قدوة لنا سواء في وهران أو أي بقعة من الدنيا.. فرسالة المؤمن بالأساس تغيير الفساد إلى خير وعفاف..
بقلم / معمر عيساني

    

تعليقات

  1. السّلام عليكم أخي معمر..

    فرغتُ لتوي من كتابة تعليق مطول لكَ أسفل إدراجي الاخير.. و اثناء الكتابة وصلني مساجُك..


    و أتيتُ لأعيده هنا..؟ و لأقرأ و أطالع كذلك.. فإذا هو الله بتسييره وحدّه.. قد أودَعَ في إدراكك صُورة مُغايرة عن واقع -وهران- الإجتماعي و الأخلاقي..؟؟

    سُبحان الله !

    سـأكتفي بقراءة جديد إدراجاتك بإمعان.. الواحد تلو الآخر..

    و لي عودَة بإذن الله..

    و من صميم القلب.. جزاك الله خير الجزاء..

    كُن بخير دائماً.. و في حفظ الرحمان..

    ردحذف
  2. ... وصدّقني أخي..؟ قرأتُ.. و أنـا أشعُر و كأني أقرأ عن مدينة أخرى.. تماماً.. و ليسَت وهران التي أعرفُها و وُلدتُ و تربّيتُ فيهـا...؟؟

    --------------------

    جميلة جداً هذه النّظرة منكَ لـوهـران..؟

    و وهران تبدُوا أجمَل و أروع و أنتَ تتحدّث عنها بهذا الأُسلُـوب.. أخي معمّر...؟؟

    لكني واثق و مُطمئـن تماماً إلى أن نظرتك هذه تولّدت سِوَى لبقاءك الوجيز للغاية في المدينة.. ومحدُوديّة حيّز الحركة بسبب الأمطار المُتهاطلة يومهـا..؟؟

    و ؤُأكـد لك.. أنك لو بقيتَ بينَ ظهرانيها لأيام أخرى فقط.. فستتغير نظرتُك و آراؤُك هذه.. عن وهران تماماً.. و ستنقلب رأساً على عقب..؟!

    و ستعرف و ستُدرك أنواع و أنماط الذهنيات المُسيطرة.. و الهويات المُتفسّخة السائدة..؟؟ لدرجة دوام التّشكيك في أنك تعيش في بلد "إسـلامـي".. و بينَ المُسلمين..؟؟؟

    ------------------

    و ذكّرتني بما قُلتهُ لأحد الإخوة.. حينَ سألَني عن نوع "الخطاب الديني" الرائج و السائد في وهران...؟؟

    فاستغربتُه و مازحتُهُ قائلاً.. "عن أي خطاب ديني تتحدّث..؟؟؟ ليسَ ثمّة سوَى خطابات الشاب خالد.. و الشاب بلال.. و الشابة فٌلانة و علاّنة...؟؟ هيَ السائدَة... و الرائجة..."؟؟؟

    ------------------------

    و على ذكر ذلك أيضاً.. فلا نريد إمارة إسلامية.. و لسنا من طالبيها...؟؟

    بقدر ما نُريدهُم (و نُريدهُن) أن يتركُونا و يدعُونا نعبدُ الله.. وفقَ مُراده.. فقط...؟؟

    ------------------------

    ردحذف
  3. بل هي وهران..
    وأعيد عبارة واحدة.. مشكلة المدينة مشكلة جنسية..
    أعي مدى انحلال الأخلاق وكل العرى بالمدينة..
    ولكن أحببت إعطاء وجهة نظر أخرى للحالة

    ردحذف
  4. لا أخفيك أني ممن تقل زيارتهم كثيرا لوهران بسبب نظرتي عن انحلال المدينة بل وأن أبناءها غير مضيافين، وهي صورة ورثتها من كلام الناس و أحجياتهم فتصورتها مجينة لا يدخلها الرجل مع أهله ولا يدخلها إلا طالب فساد.
    لكن أراك مسحت بعض ما أمام عيني من ضباب، فهي إذن ككل مدننا مشكلتها الجنس..
    سأواصل البحث في املوضوع و أتابع ما تفيد به

    ردحذف
  5. كذلك عندن في مراكش الحمراء
    الزنا منبت كل شر ومنطلق كل خطر
    .........
    بالتوفيق والسداد
    تحيتي ومودتي

    ردحذف
  6. اللهم احفظ شباب المسلمين وشاباته من كيد الفاسدين والفاسقين..

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة