"اسمح لي عمي.."


منذ فترة.. كنت على متن حافلة ركاب عمومية.. ركبت وسط الزحام لأصل للرواق واقفا.. لحظات وأسمع عبارة "اسمح لي عمي.. اقعد في مكاني..".
كان طفلا صغيرا جالسا بادر بالنهوض والإيثار على نفسه مقابل جلوسي مكانه.. موقف أثر في وجداني بالغ التأثير على ما فيه من بساطة.. في السابق كنت المعني بالنهوض.. والآن أصبح العكس.. كأنما قال لي ذلك الصغير: لقد كبرت يا عم..
لم أجرب التفكير كشيخ.. حاولت.. فوجدت نفسي ضئيلا جدا.. 26 سنة انقضت من عمري.. لا أذكر منها إلا لحظة نشر هذا المقال.. هه..
كلما طالت الأيام تجترك الذكريات وتشدك إليها.. نوح عليه السلام عاش أكثر من 9 قرون.. لم يرها إلا بابين دخل من الأول وخرج من الثاني.. أما نحن فسنواتنا التي نتشدق بها.. لا تساوي ربما إلا خطفة من بصر إلى رأس مقبض الباب الأول..
أخبر نوح عليه السلام قومه عن أناس سيأتون من بعدهم لا يجاوزون القرن من أعمارهم.. وكان يقصدنا مما يبدو عليه.. فلم تتمالك عجوز في الغابرين من العمر نفسها أمام تفاهة ما سيعيشه اللاحقون.. وهي قد تكون احتفلت بقرنها العاشر منذ سنوات فقط!.. لتقول أنها لو بلغت هذا الزمان لتقضينّه في سجدة لله...
على الإنسان.. ـ وأبدأ بنفسي ـ أن يراجع حساباته باستمرار.. السجدة التي عزمت عليها المرأة يقضيها البعض في طول الدنيا وعرضها هرجا ومرجا.. لهوا وحراما.. سعيا وراء الدرهم والدينار.. النساء والخمور.. وما زيّنه الشيطان لبني آدم..
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة..
معمر عيساني


تعليقات

  1. و لا إله إلاّ الله..!

    يالَ الحكمة البالغـة.. التي تهزّ القلوب.. و الألباب..

    "إنّ في ذلك لذكرى لمن كانَ لهُ قلب.. أو القى السّمعَ و هو شهيد..."

    --------------------------

    يأتي هذا الكلام المتوشّح بنور الله.. منكَ.. في زمَن يتنا نرى فيه الكثيرين.. متّى ذُكّروا بحقيقة الحياة الدنيا.. و الآخرة.. وعيد الله و وعده...

    تراه يلوّحُ بيده مستهزءاً.. كحال من شملتهم الآية ".. يسألُ أيّانَ يومُ القيامة.."؟

    ليأتي الجوابُ الدّامغ في قوله جلّ و على.. "و يرونه بعيداً.. و نراهُ قريباً..."

    -------------------------

    جزيتَ خيراً أخي معمّر..

    و رقنا الله و إياكُم حُسنَ الخاتمة..

    ردحذف
  2. اللهم احشرنا في زمرة الصادقين

    ردحذف
  3. ابراهيم11/9/14

    نسأل الله السلامة ... جزاك الله كل خير اخي معمر

    ردحذف
  4. ابراهيم11/9/14

    نسأل الله السلامة ... جزاك الله كل خير اخي معمر

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة