أب يضرب ابنه ويعلمه الكلام البذيء!

   منذ فترة كنت سائرا رفقة صديق لي، لأرى رجلا في الأربعينات من عمره رفقة ابنه الذي لا يتجاوز الإحدى عشر سنة.. وباقترابي منهما لدى مروري في الشارع طرق سمعي كلام لا يتداوله الآباء عادة مع أبنائهم الصغار..

كان كلاما بذيئا بل "جنسيا" أطلقه الوالد على ابنه الذي كان يمشي ويحاول الابتعاد عن والده خوفا منه، وقد لاحظت كدمات وجروحا على وجهه، لا يحدثها إلا الضرب.. الذي كان يعكف عليه هذا الوالد! إذ راح يهدد ابنه بالضرب بل و"القتل" بفضاضة غريبة وكلمات "حيوانية"..
قد أثار الطفل الصغير شفقتي وحزني وغضبي على ذلك الوالد "الإرهابي"، فبمجرد إمعان النظر في الضحية تجد عليها ملامح الحيرة والتوتر وشتات الذهن.. وكأنه مع رجل آخر تماما لا تربطه به أية علاقة؟؟
من المؤكد أن ذلك الطفل سيعيش أياما أليمة رفقة والده.. فمن الصعب التدخل في وضع مثل هذا فالراجح أن الأم على قيد الحياة.. وهي على قدر من الجهل ما أنساها تنشأة ابنها تنشأة سوية.. إذن من الممكن أن نقول أن مساره التعليمي سيفشل، وأخلاقه لن تكون على ما يرام بما يسمعه من أقرب الناس إليه.. وسيكون عرضة للآفات الاجتماعية بعد أقل من عشر سنوات، ما يحيل حياته إلى كابوس.. بل إنه إذا ما تزوج فسيفشل في تربية أبنائه ويعجز عن التواصل المثمر مع زوجته وعائلته وأصدقائه..
هذه الاحتمالات قد تكون بنسب جد معتبرة.. بما رأيته من قسوة لدى الوالد، ورهبة وتشتت من الابن.. وهي مجتمعة تشكل الصورة النهائية لمجتمعاتنا.. فمن غير البعيد أن تكون كل المشاكل الأخلاقية، والجرائم الشنيعة وليدة علاقات مبتذلة بالية بين الآباء والأبناء، ما يجعلنا نفكر كثيرا في جدية الزيجات الجديدة، ومقاييس الزواج التي قد تجمع بين زوج همجي وامرأة ضعيفة، أو رجل شريف وزوجة مائعة خائنة..
تربية الأبناء واجب إنساني وديني.. يفرض على الآباء انتقاء السلوكات الراقية في التعامل مع أبنائهم، للوصول بهم إلى درجة من النضج والأخلاق تقيهم كل ما يسوء ويوهن حياة الفرد والمجتمع، بمناهج تربوية واعية في ظل ما أوصانا به الرسول صلى الله عليه وسلم، وما ينصح به أهل الاختصاص.. لأن نجاح الأبناء في حياتهم يعني في النهاية نجاح الآباء في كل ما عاشوا لأجله.
بقلم / معمرعيساني

تعليقات

  1. أخي معمر لقد حللت فاحسنت التحليل
    فمثل تلك الأساليب من التربيه هي التي تفرز للمجتمعات أفرادا بطجيين ومجرمين أو ضعاف فشله غير منتجين ، وتلك الظواهر لا توجد في مجتمعاتنا العربيه فحسب بل ونجدها أيضا في المجتمعات الغربيه وبكثره ، ولكن ما يميزهم في بعض البلدان عنا وجود قانون رادع يجرم مثل تلك الأفعال بل قد تسقط ولاية الأب على ابنه في أحيان كثيره ،،،
    نسأل الله الهدايه لمثل تلك النوعيات من الآباء

    ردحذف
  2. صحيح ما قلت أخي أحمد..
    فحتى في الشريعة ضوابط تحكم علاقة الأولياء بالأبناء..
    كما حصل مع الأب الذي اشتكى ابنه لعمر بن الخطاب فاستدعى بن الخطاب ذلك الولد ليفصح هذا الأخير عن أسوء سلوكات والده معه.. فحكم ابن الخطاب لصالح الابن...

    ردحذف
  3. ... السّـلامُ عليـكـُـم معمّـر..

    و اخيراً ! اقتطعتُ جُـزءاً من الوقت.. و أتيت لأعاود الوقوف بينَ ثنايا آخر تدويناتك...

    مررتُ بنافذتك الثانية و صفحاتك الأخرى.. فوجدتُ الباب مُغلق أمام التعليقات..؟؟ و لستُ أدري أينَ يكمُن الخلل هذه المرة...؟؟؟

    ردحذف
  4. بالنّسبة لهذا الموضُوع.. فلأعترف أوّلاً أنّي وقفتُ طويلاً أمام الصورة الأولى...؟؟

    ذكّرتني بـ........؟؟

    بمُنعرج و حقبة ما من زمن و ايام الطفولة الخوالي....؟؟؟

    ------------------------

    كما انّ الإدراج برُمّته ذكّرني بآخر درس خُطبة جمُعة... (صلاة الجمُعة الفارطة)

    حيثُ تناول الإمام و بتفصيل و إلمام كبير مسألة -تربية الأولاد- على ما يكتسيه هذا الموضُوع من أهميّة بالغة للغاية.. تعُود نتائجها (الإيجابيّة أو السلبيّة) على الأفراد أنفسهُـم.. و على الجماعات.. و على البلد بأسره...

    ردحذف
  5. .... بل و أذكُر أن الخطيب استشهَدَ بحديث نبوي.. انخلعَ لهُ قلبي.. و كاني لم أسمع عنهُ من قبلُ إطلاقاً...

    فعن النبيّ صلّى الله عليه و سلّم قال أنّ اليتيم ليسَ من لا أبَوين لهُ.. بل اليتيم هو من ابتُليَ بأبوين جاهلَيـن...؟

    أو هكذا قال...

    صدّقني اخي معمّر.. وقعَ هذا الحديث النبوي على مسامعي.. فشردتُ ببالي و تفكيري معهُ و معَ إسقاطاته.. و...... و محلّي منَ الإعراب منه...؟؟

    و طبعاً.. ذاكَ ماكانَ كافياً ليجعلني أشرُد و أذهل عن سماع باقي الدرس.. و حالَ دُونَ تركيزي معَ تتمّة الخُطبـة..؟؟

    نسألُ الله الهداية و الصلاح.. *و العِـلـم و المعرفـة* لجميع الآباء.. قبل الأبناء...؟

    و السّــــلااااامممممم !!

    ردحذف
  6. الحمد لله الذي رزقنا والدين كريمين
    وأعيد الحمد لله الذي رزقني أما حنونا.. ملأت فراغ حياتي بعد وفاة أبي وأنا ابن ست سنوات..

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة