عندما تشتغل آلة التغيير في الوطن العربي..


بدأت سنة 2011م كأنما تعلن بملء فيها مبدأ عصر جديد لبني يعرب.. مظاهرات في تونس تسقط "الملك" زين العابدين بن علي من عرشه السافر وترمي به في مملكة الموتى.. وانتفاضة بمصر "المسلوبة" تفقد كل خونة الشرق الأوسط أعصابهم.. إنها آلة التغيير تشتغل من جديد بعدما اعتمر قلبها الصدأ وطال صلبها الهزال..

         وبعد هذه الثورات الشعبية التي لم تسلم منها ولو بدرجات متفاوتة: اليمن والأردن والجزائر، أصبح بالإمكان مراجعة الذات وفتح السجلات لمحو جهل التاريخ ووطئة الضعف في كيان العرب وإدراج جيل آخر من الصحوة.. ولربما تبدو آنية ولكنها بادرة خير لمصير أمة، وشرارة نار لمكائد قوم لدٍّ.. فلطالما اطمأن أعداء النصر لحال العرب وسباتهم الطويل.. وقالوا هيهات هيهات لنهضة شعب استقر عقله بين فخضيه..  والآن استفاق هذا الشعب ولو بعفوية الصارخ في وجه الألم ليرسم ملامح واقع يؤكد أن الشعب الذي كان يُسبح بحمد زعيمه بالأمس القريب إنما هو على أشد البغض له وما كان ليرضى به قائدا طرفة عين.. لولا منطق الفرض والوصاية والتزوير في نهج من استباح حريته.
نعم.. لازال العرب غارقين في تخلفهم.. وحبهم للشهوات.. وسعيهم في سبيل فروجهم وبطونهم.. ولكن التغيير لم يكن يوما بشكل كلي متدافع.. بل هو خاضع لقانون التدرج والتراكم.. إذ أن ما نراه اليوم هو بداية حبو باتجاه النور.. إعلان أمام الملأ أن من أقيمت عليه صلاة الجنازة غيابيا، لازال في عروقه طيف من الروح وبلل من الريق.. فلم لا نستمر في إنعاش هذا الكائن والسير به قدما لرفع راية عالية صادحة في الدنيا..تقول: "لازلنا هنا"..
بقلم / معمر عيساني


تعليقات

الأكثر قراءة