في الجزائر: مهازل العام الجديد في مكاتب البريد...



لم يعد سحب الأموال من أرصدة بريد الجزائر سهلا كما كان في الماضي.. فمنذ أشهر أصيبت السيولة المالية في الوطن بعقم حقيقي جراء تدفق كميات هائلة من الأوراق النقدية المزورة.. ومع هذا العجز الواضح في الأمن الاقتصادي لدى الدولة، اتضحت صورة أخرى لتعامل "المواطن" مع مثل هذه الظروف، خاصة وأن السلطات المعنية اتخذت إجراءات احترازية من انتشار التداول بالعملة المزروة، بتقليص تدفق الأموال وتداولها بين المتعاملين..

كل صباح يصطف عشرات الجزائريين أمام مكاتب البريد في صورة تترجم معنى التخلف بكل "شاعرية".. ويجدر بنا الذكر هنا أن المكاتب المقصودة هي مكاتب مركزية ولائية، أما المكاتب الفرعية فيعيش موظفوها حالة "دافئة" من البطالة المحمودة!! عموما يسعى كل مواطن إلى سحب أكبر قدر ممكن من ادخاراته وكأن نهاية العالم على الأبواب.. ونيّته في الباطن اجتناب العودة من جديد إلى مثل هذه المهازل المكشوفة في "البريد"..! فالطوابير اليومية حُبلى بالشجارات، وحتى المُعاكسات.. وأصحاب البطون الممتلئة غير معنيين بها فهم يتجاوزون الأدوار من خلف الكواليس، فيُكلفون أذنابهم من موظفي البريد بسحب أموالهم من أرصدتهم دون الحاجة للاصطفاف مع العامة.. مقابل بعض "البقشيش".. هذا الصنف من "الحمقى" المحسوب على "بريد الجزائر" بتصرفاتهم الانتهازية يزيد الأزمة سوءا.. ويجعل المواطن البسيط محروما من التحكم في مصاريفه!!
بادرت قبيل نهاية ديسمبر بزيارة أحد المكاتب البريدية الفرعية، بغرض سحب مبلغ متواضع من رصيدي.. وقد أبشرت برؤية بعض الأيدي المملوءة بالأوراق النقدية وقد اشتقت لها طويلا.. ولكنني حينما هممت بكتابة الصك أخبرني الموظف "المبجل" هناك بعدم وجود "المال".. استغربت موقفه بشدة، خاصة وأنه وعد شخصا على يساري بالعودة ليلا لأخذ مبلغه المالي.. إضافة إلى الموظف الثاني الذي كان يوزع أموالا سحبها من أرصدتها مُسبقا ليعطيها لأصحابها مباشرة دون انتظارهم عند فتح المكتب.. لابد أن هذه الخدمة غير تطوعية وإنما مدفوعة الأجر.. وهي بحق مشهد يعبر عن البيروقراطية المستشرية في جسد الدولة..
ومع هذه الرسالة المشفرة التي أرسلها لي موظف البريد بدفع "الجزية" مقابل الحصول على مالي الخاص، تجاهلت الأمر برمته وانصرفت دون جلبة.. فأشخاص مرضى بالرشاوى والمحاباة منذ نعومة "مخالبهم"، لن أكون قادرا على علاجهم إلا بعملية استئصالية دون مخدر...
أتمنى زوال هذه الأزمة "المفتعلة" بأسرع وقت ممكن، فبعض الفئات تقتات على مثل هذه المشاكل.. كما يجب على من تؤول إليه المسؤولية بوضع آليات تحمي السوق المالية من مثل هذه المهازل..

بقلم / معمر عيساني
  


تعليقات

  1. تعددت الاوطان والهم واحد
    وقانا الله شر الفتن
    تحيتي ومودتي

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة