ذكرى الفاتح نوفمبر... شكرا فرنسا!

          ككل فاتح نوفمبر.. يحتفل الجزائريون "الرسميون" بذكرى اندلاع الثورة التحريرية ضد الكيان الفرنسي المحتل.. وهي الثورة التي أثمرت استقلالا بعد أقل من ثماني سنوات... التاريخ يشهد كل تلك البطولات الفذة لرجال ونساء.. عشقوا الوطن والحرية... وصدقوا ما عاهدوا الله عليه...

لا أنسى قصة جَدّي وهو في قبضة الجنود الفرنسيين.. يصد الكلاب المتعطّشة لافتراس أعضائه.. بسلاح ليس كمثله سلاح.. كان يقرأ آية الكرسي.. فنهره الجنود وسألوه عما يقرأ.. وأنَّى لهم أن يفقهوا ذكره! كانت الثورة التحريرية إسلامية الروح عربية المذاق.. ومثالا لجميع من تحدثه نفسه بالمجد والبطولة...
ولكننا اليوم.. ليس لنا من التاريخ أدنى شرف.. وانفصلت هويتنا عمن أهدى لنا الاستقلال بدمه وروحه.. فرنسا التي اتحدنا لإخراجها بالأمس نصبو إليها ونغامر بأنفسنا في البحار لأجل الوصول إليها.. كثير من الشباب الجزائري يحلم بليلة في "باريس".. أو مقدار شبر في إحدى مزابل "نيس".. حب الوطن لم يعد له اليوم ذكر في الوجدان.. لا يفقهه جيل "الفاست فود" و"البيغ برادر" و"الغيرل فراند".. ولا يريد أصلا الاقتراب إليه، والشعور به.
إهانة العلم الوطني.. والتشهير بتمجيد الاحتلال الفرنسي من أبناء الوطن، صار أمرا عاديا... وتناسينا كل تلك المجازر والتجاوزات اللاإنسانية في حق أجدادنا وآبائنا الأولين.. واستبقنا الباب إلى الفرانكفونية والعلمانية... وصار الواحد منا يفتخر أن لباسه ومأكله من فرنسا... بل نحسد أصحاب الحظ السعيد الذين يعيشون على تلك الأرض "العجوز" وندعو الله بكرة وأصيلا أن يلحقنا بهم في "فردوسهم الأعلى".
إن كان هناك بد من شكر فرنسا... فأنا أشكرها على أنها مكنتنا ذات يوم من أن نعيش معنى الوطنية والوحدة والجهاد.. وكأننا لا نفقه الحياة إلا تحت السياط.. ولا نحب بعضنا إلا حينما تغرغر أرواحنا..

بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. بل شكرا لجرح عاش طويلا يذكر كل حر بالوطن الام داخل حدود الحدقة وخارج حصون المخيلة وحبه لم يمت رغم العشرية السوداء
    تحية طيبة وتهانينا لهذا الوطن الرائع

    ردحذف
  2. أخى الفاضل الكريم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تقبل مرورى وتقديرى واحترامى
    لقلمك الراقى ، وحرفك الواعى
    ونسأل الله تعالى أن يعيد للأمة وعيها ورشدها
    وأن يوجهها الوجهة الصواب حيث حبل الله المتين
    اللهم آمين
    بارك الله فيك أخى وأعزك
    أخوك
    محمد

    ردحذف
  3. يفترض أن الروح الوطنية تغرس غرسا ابا عن جد، من خلال تفقيه النشأة في معنى الروح الوطنية ومعنى "حب الوطن من الإيمان"، الروح الوطنية يفترض أن نراها أولا في ولاة أمورنا في تفانيهم في خدمة الوطن وأبناء الوطن، لا في ازدواجية الجنسية ولا في ضرع البقرة الحلوب الذي يكاد ينفد لكثرة الانتهازيين القدم والجدد، حب الوطن ليس في تشجيع المنتخب الوطني بل في تحديد الأولوية لكل ما هو وطني...
    بورك فيك أخي على مقالك الهادف
    تحياتي.

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة