هل تعلم أن المتخلفين لا يحبون التخلف؟


منذ فترة كنت في حافلة النقل.. أجلس خلف السائق.. وبدأت في الاستماع بغير قصد إلى حديث بينه وبين راكب آخر بجنبه..
وكانت فحوى الحديث أن بعض الراكبين متخلفون بدائيون ومخربون.. ينتهزون فرصة انشغال السائق والقابض لتمزيق أغلفة المقاعد الخلفية، ما سيتضرر منه الركاب أكثر من السائق ربما... ثم قال السائق أن سلوكيات العرب دائما تخريبية عكس الأوروبيين وما شاكلهم من الغرب.. فهم يحافظون على الممتلكات العامة والخاصة..
الكلام لحد الآن مقبول ومنطقي جدا.. ولكن اللافت في الموضوع هو أن هذا السائق بلحمه وشحمه وعظامه وجميع أجهزته الهضمية و.... ـ تعلمون.. ـ هو ذاته وقبل أيام من هذه المحاضرة الأخلاقية التي ألقاها من مقعد الحافلة... أشبع إحدى النساء الكبيرات في السن سبًّا وشتمًا لأنها طلبت منه أن ينزلها قريبا من أحد الأماكن لقضاء حاجة لها.. فلم يفعل بحجة أنه سينزلها في المحطة التالية وهي بعيدة عن المكان الذي ترغبه.. فألحّت عليه.. فبدأ في فتح قاموسه العربي على أسوء ما فيه.. فنزلت المسكينة مكسورة الخاطر.. وباقي الركاب القريبين من المشهد صامتون قائمون كأن على رؤوسهم الطير؟؟
أنا كنت بعيدا نوعا ما عن الموقع في أثناء هذا السلوك المخجل للسائق.. ومخنوقا وسط أكوام من الركاب.. فأنتم تعرفون حال النقل العمومي في الوطن العربي.. عموما تلمسون المفارقة العجيبة في شخصية هذا الكائن... فهو على كرهه للتخلف وحبه للآداب العامة، رأس من رؤوس التخلف وقلة الأدب!!!
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة